الحياة في أعماق البحار - رؤيا للمواضيع
الحياة في أعماق البحار

الحياة في أعماق البحار

شارك المقالة

الحياة في أعماق البحار

الحياة في أعماق البحار

 الحياة في أعماق هي الطبقة العميقة وهي مصطلح يرمز إلى الطبقة السفلى الموجودة في المحيط، وتقع على عمق 1800م، وتخترق هذا العمق كمية قليلة من الضوء، أو قد لا تخترقه أبداً، وتعيش هناك العديد من الكائنات الحية، والتي تعتمد في غذائها على المواد الموجودة فيها، وفي هذا المقال سنذكر بعض التفاصيل عن الحياة في أعماق البحار بشكل عام.

الحياة في أعماق البحر

تتميز الحياة في أعماق البحر بأنها غير مألوفة، حتى بالنسبة لمعظم علماء الأحياء. ويعتقد علماء المحيطات أن الحيوانات التي تعيش في أعماق البحار، تماثل من حيث التنوع والعدد، تلك التي تعيش في الغابات الاستوائية المطيرة والشعب المرجانية. وفي الواقع، قد يكون هناك 10 ملايين نوع أو أكثر من الحيوانات التي تعيش في المياه العميقة. وتتميز العديد من المخلوقات بأجساد جميلة ولكنها غريبة التكوين، ساهمت في تشكيلها عوامل مثل البرودة الشديدة، وانعدام الضوء، وأطنان الضغط التي ترزح تحتها في أعماق المحيط.
تشكل أكبر مجموعة من الكائنات الحية في أعماق البحر. تتكون معظم الكائنات الحية المجهرية التي تعيش في المياه العميقة من البكتيريا وحيدة الخلية، التي توفر الغذاء للعديد من المخلوقات الأخرى. وتكون البكتيريا في بعض الأماكن من الكثرة بحيث تشكل مستعمرات ضخمة شبيهة بالسجاد.

تمثل حيوانات الإسفنج مجموعة متباينة من اللافقاريات التي تعيش في أعماق البحار. وتنمو بعض أنواع إسفنج المياه العميقة حتى تصبح شديدة الضخامة. فعلى سبيل المثال، قد يبلغ ارتفاع الإسفنج الأسطواني العملاق 1,8م. تؤدي تيارات المياه العميقة الضعيفة والبطيئة إلى تمتع حيوانات الإسفنج بأجسام رقيقة. فحيوانات الإسفنج الزجاجي، على سبيل المثال، لها هياكل عظمية مكونة من شعيرات رفيعة من السليكا، وهي معدن شبيه بالزجاج. وترتكز أجسامها الكأسية الشكل على تركيب يشبه الساق يثبتها في قاع المحيط. تكون معظم أنواع الإسفنج التي تعيش في أعماق البحار بيضاء أو رمادية اللون على عكس حيوانات الإسفنج التي تعيش في المياه الضحلة وتتميز إما بلون أصفر وإما برتقالي. كما أن إسفنج المياه الضحلة مزود ببقع من الخضاب لحمايته من أشعة الشمس الضارة، ولكن إسفنج المياه العميقة لا يحتاج إلى مثل هذه الحماية لأن أشعة الشمس لا تصل إلى بيئته.

وتتقاسم العديد من اللافقاريات قاع المحيط مع حيوانات الإسفنج. فشقائق النعمان البحرية، ونجمة البحر وغيرها من الحيوانات، تقوم بتثبيت أنفسها في سيقان الإسفنج الزجاجي. وتنتشر بين حيوانات إسفنج أعماق البحار، العديد من الحيوانات الشبيهة بالنباتات، مثل زنابق البحر ذات السيقان، والأنجم الريشية. ويشبه العديد من هذه الحيوانات التي تعيش في أعماق البحار الأزهار أو العناكب العملاقة المكسوة بالشعر وتنمو بعض الحيوانات، مثل سرطانات البحر، ونجمة البحر والديدان في أعماق البحر، إلى أحجام تفوق حجم مثيلاتها التي تعيش في المياه الضحلة. على سبيل المثال، فقد نمت إحدى حيوانات نجمة البحر إلى حجم يزيد عن حجم كرة السلة.

تقوم مياه أعماق المحيط المظلمة باخفاء وحماية العديد من الكائنات ذات الأجسام البراقة الألوان. وأحد هذه الحيوانات هو أوستراكود المياه العميقة، وهو قريب الصلة بالسرطان البحري والروبيان، وجسمه في حجم وشكل ثمرة الكرز ولكن بلون برتقالي فاقع يميل إلى الحمرة. ومثل هذا اللون، يجعل الحيوان معرضا لخطر الحيوانات المفترسة في المياه الضحلة. ولكن في أعماق البحر المظلمة، سيكون بإمكان الأوستراكود تجنب الأعداء عن طريق الاندماج في الظلمة بصورة تكاد تكون كاملة.

يتميز روبيان أعماق البحر، مثل العديد من حيوانات المياه العميقة الأخرى، بخاصية التفسفر الأحيائي ـ أي القدرة على ابتعاث الضوء من جسمه دون إصدار أية حرارة. ويؤدي التفاعل الكيميائي الذي يحدث في أعضاء الضوء لدى الروبيان، إلى إنتاج أضواء وامضة ذات لون أصفر مائل إلى الخضرة، تكون بمثابة إشارة لاجتذاب الأليف عند التزاوج ويعد خيار البحر من بين أكثر لافقاريات أعماق البحر المحيط انتشارا. فقد وجدت هذه الحيوانات في أكثر أجزاء المحيط عمقا. وتعيش العديد من حيوانات خيار البحر فوق الطين حيث تتلوى كالديدان المكتنزة. ولكن قليل من أنواعها التي تعيش في أعماق البحر تسبح برشاقة عبر المياه المظلمة.

الحياة في أعماق البحار

تعيش العديد من اللافقاريات في المياه التي تعلو قاع المحيط مباشرة. ومن بين أكثر هذه الحيوانات غرابة النوع المعروف باسم السحاري. تأخذ هذه المستعمرة من الكائنات الشبيهة بالهلام شكل خيط من اللآلئ المتوهجة، المبطنة بخلايا لاسعة. وقد يبلغ طول المستعمرة نحو 18م كما أن أحد أكثر حيوانات أعماق البحر رشاقة يعيش أيضا في المياه الموجودة فوق قاع المحيط مباشرة، وهو الأخطبوط ذو الذؤابات، وهو أحد أخطبوطات أعماق البحر الشديدة الشبه بالهلام إلى الحد الذي اعتبرت فيه في البداية أسماك هلامية عن طريق الخطأ. وقد سمي الأخطبوط ذو الذؤابات بهذا الاسم بسبب النتوءات الشبيهة بالأصابع، المعروفة باسم الذؤابات، التي تكسو أذرعها المكففة. تقوم هذه الذؤابات بتحسس الطعام في عالم يسوده الظلام. كما أن جلد الحيوان الشبيه بالهلام يساعده على مقاومة الضغط في أعماق البحر. وتبلغ نسبة الماء الداخلة في تكوين جلد الحيوان نحو 95%، مما يكاد يستحيل معه ضغطه، وبالتالي يكون بمثابة وسادة لجسم الحيوان تساعده على امتصاص الصدمات.

وتعيش أيضا أنواع مختلفة من الحبارات في قاع المحيط. ويعد الحبار العملاق المخيف أحد أشهر الأنواع على الاطلاق، ولكنه أيضا من أقلها حظا من حيث المعرفة. وعلى الرغم من أن هذا الحيوان قد ينمو حتى يبلغ طوله 18م، إلا أن أحدا من العلماء لم يتمكن قط من رؤية حبار عملاق حي. وقد عرف الناس أمر هذه الكائنات فقط عن طريق الحيوانات الميتة التي جرفتها الأمواج إلى الشواطئ في أعقاب العواصف.

تعيش العديد من أنواع اللافقاريات حول منافذ المياه الحارة. وتعد الديدان الأنبوبية العملاقة البيضاء من بين أشهر هذه الحيوانات. وهي تنمو حتى يبلغ طولها 3 أمتار، وتتميز بأعضاء حمراء شبيهة بالخياشيم تقوم بكمشها عندما تتعرض للازعاج. والديدان الأنبوبية ليس لها قناة هضمية. وعوضا عن ذلك، فإنها تحصل على غذائها من البكتيريا التي تعيش داخل أعضائها. وفي المقابل، فإنها توفر للبكتيريا مكانا لتعيش فيه. كما تقوم الديدان الأنبوبية أيضا باستخراج المركبات الكبريتيدية من الماء وهو ما تحتاجه البكتيريا لغذائها.

وهذه العلاقة البيولوجية (الأحيائية) هي مثال للتكافل الذي يعيش فيه مخلوقات معا بصورة تؤدي إلى خدمة مصلحتهما المشتركة. وتعيش بالقرب من الديدان الأنبوبية أنواع من المحار الملزمي وبلح البحر في حجم طبق العشاء، بالإضافة إلى مستعمرات كبيرة من البكتيريا التي تعتمد عليها هذه الحيوانات. وفي أغلب الأحيان نجد أنواعا من السحاري طافية فوق البكتيريا. ويشبه هذا الكائن الحي الفريد زهرة الطرخشقون. والعديد من اللافقاريات التي تعيش حول منافذ المياه الحارة لم تصنف أو حتى تكتشف إلى الآن.

قد بدأ المكتشفون وعلماء البحار لتوهم في فهم أعماق البحر. فحتى منتصف القرن التاسع عشر اعتقد معظم العلماء أنه توجد حياة محدودة أو لا توجد حياة على الاطلاق في قاع المحيط. وفي السبعينيات من القرن التاسع عشر، بدأ الناس في العثور على كائنات الأعماق عن طريق استخدام شباك التقاط المحار. فهم يقومون بانزال هذه المغرفات تحت سطح المحيط ويستخرجون عينات من قاع البحر.

وفي الثلاثينيات من القرن العشرين، بدأ العلماء في تطوير مركبات للغطس مكنتهم من استكشاف المحيط على أعماق أكبر فأكبر. وفي عام 1967م، استخدم علماء الأحياء البحرية لأول مرة مزلجة الأعماق، وهي أداة لجمع العينات البحرية تشبه المغرفة. وقد احتوت عينات أعماق البحر التي تم جمعها بهذه الآلة، على عدد من الحيوانات يفوق بكثير ما هو موجود في العينات التي جمعت من المياه الضحلة. وقد أعطت هذه الاكتشافات العلماء فكرة أكثر دقة عن التنوع الواسع للحياة في قاع المحيط.

 الحياة في أعماق البحار


موقعك

تقنية

في الموقع الان

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *