صفات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
محمد بن عبد الله بن المطلب، ولد بمكة، في ربيع الأول من عام الفيل، قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة، توفي عن سن يناهز الثلاثة والستين عاماً، هو خير خلق الله، وإمام المرسلين، وخاتم النبين، النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى الله سبحانه وتعالى، أبوه عبد الله، وأمه آمنة بنت وهب، توفي والداه وهو طفل صغير، فرباه جده عبد المطلب، ولما توفي جده رباه عمه أبو طالب، مرضعته حليمة السعدية، أحبه عمه أبو طالب حبا شديداً، عمل في رعاية الغنم في صغره، ثم في التجارة، اتصف بالصادق الأمين، تزوج من أمنا خديجة بنت خويلد، التي ضحت بأموالها من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم.
وصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه حسن الخلق، رفيع المقام، وامتاز بعدة أصاف خلقية التي جعلته يكسب قلوب البشر، أهم هذه الصفات هي: العدل: كان يعدل بين زوجاته، ويتجنب أن يوقع الغيرة بينهنَّ، ويعطي كل منهن ما تحتاج إليه وترغب به، إضافة إلى أن عدله شمل فئات المجتمع كالمساكين والضعفاء والفقراء والمحتاجين، لم يظلم إنسانا قط، بل كان يحكم بالعدل دون تردد. الرحمة: هو رحيم رؤوف، يحسن إلى الناس، ومن شدة رأفته وحنانه كان يلاعب الأطفال صغيري السن، ويوصي بهم، كذلك كان تعامله مع الخدم لينا وليس فظا أو غليظا. التواضع: عرف عنه أنه متواضع؛ حيث كان يأمر الناس دائما أن يقروا أنه عبد لله، بشر مثله مثلهم، وكان يأكل ويجلس مع العبيد وكما يأكلون، حذر في أحاديثه من الكبر، كان من شدة التواضع يجلس على الأرض والحصير، لا يميز نفسه بشيء من مظاهر الحياة الدنيوية كالملوك في مجالس الرجال. المزاح: يذكر أنه يوما مازح عجوز جاءت تطلب منه أن يدعو الله -عز وجل- أن تدخل الجنة، فأجابها أن لا عجوز تدخل الجنة فولت تبكي، فبعث إليها يقول: أن الله يدخل من هرمت وكبرت في العمر إلى الجنة بِكراً، صغيرة العمر، جميلة. الكرم: كان كريم النفس يعطي بلا حدود، فقد روي أنه كان يذبح الضأن ويوزعه على صديقات زوجته خديجة احتراما لها وكرما منه، كما أن أحد الرجال طلب منه يوما البردة التي كان يلبسها فأعطاه إياها هدية. الصبر: تحمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أشد المعاناة والفقر في سبيل نشر الدعوة الإسلامية، كان يصبر على نفسه ويحتمل الشدائد، لا يستسلم للظروف وإنما يصبر ويحتسب ذلك أجرا عند الله -عز وجل-.
رزق الرسول بثلاث أولاد، هم: القاسم، وعبد الله، وإبراهيم رضي الله عنهم، ورزق بأربع بنات، هن: زينب رضي الله عنها، وكانوا يسمونها زينب الكبرى؛ لأنها أول مولود للرسول صلى الله عليه وسلّم، وتميزا لها عن زينب الصغرى ابنة شقيقتها فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وابنة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ورزق الرسول أيضا من البنات: السيدة رقية، والسيدة أم كلثوم، والسيدة فاطمة الزهراء. كل أبناء الرسول صل الله عليه وسلم من السيدة خديجة رضي الله عنها، إلا إبراهيم من مارية القبطية، وتوفي جميع أبناء الرسول في حياته، إلا فاطمة الزهراء توفت بعده، وكانت أحب أبنائه إلى قلبه، وأكثرهم شبها به، وكانت عائشة رضي الله عنها أحب زوجات الرسول إلى قلبه. النبي محمد هو النبي الوحيد الذي أرسل للناس كافة، وأكرمه الله بمعجزة القرآن الخالدة، وهناك معجزة انشقاق القمر، وتسبيح الحصى بين يديه، وحنين الشجرة له، وهو النبي الوحيد الذي يشفع لأمته يوم القيامة.
حبا الله تعالى رسول الكريم صلى الله عليه وسلم بشخصية متوازنة من الناحية النفسيّة، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الشخص الذي لا تعرف الدعابة، أو الابتسامة إليه سبيلاً، بل كان دائما يداعب صحابته الكرام، وأهل بيته، وسائر إخوانه المسلمين، وفي الوقت ذاته لم يكن رسول الله صل الله عليه وسلم بذلك الشخص الذي يقضي حياته كلها في الضحك، والهزل، ومن هنا فإنه يمكن القول أن شخصيته العظيمة استطاعت جمعت بين الجد، والدعابة باعتدال، ودون إسراف. من جانب آخر، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزن كما يحزن سائر الناس، ويبكي كما يبكون، ولم يكن بكاؤه مرتفع الصوت، وكان يبكي دائما من خشية الله تعالى، وخوفا على أمته، وحزنا على فقدان حبيب من أحبته، وما أكثر من فقدهم صلى الله عليه وسلم في حياته.
أمرنا الله تعالى أن نأخذ كل ما أتانا النبي محمد به، وأن نترك كل ما نهانا عنه، لذلك فإن الالتزام بأفعاله، وأقواله، وإقراره واجب على كل مسلم؛ لأنه يمثل الكمال البشري، ولأنه القدوة، ولأن الله تعالى اصطفاه وبعثه هاديا لكل البشرية، وقال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران:31]، ولا بد من الإشارة إلى أن كل ما يعانيه العالم الإسلامي من تفرق وضعف ليس إلا نتيجة لعدم تطبيق سنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) [الأنفال:33