الإستعداد لإستقبال شهر رمضان المبارك
شهر رمضان؛ شهر الصيام، شهر العبادة، شهر سمو الروح ونقائها فهل أعددتم العدة لاستقباله فحين يقترب موعد شهر رمضان المبارك يهيأ المسلمون أنفسهم لاستقباله على أتم وجه مستعدين ليغتنموا من أجوره وبركته بكل وُسعهم، وفضل الله -تعالى- شهر رمضان المبارك في عدة أمور؛ أولها أن أنزل فيه القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال الله تعالى :(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ) ومن أفضاله كذلك أن اختصه الله -تعالى- بالركن الثالث من أركان الإسلام وهو الصيام، فمن صام شهر رمضان إيمانا بفرضيته من عند الله -تعالى- واحتسابا لأجره نال الفضائل والثواب وتحقق الإيمان في قلبه وهدي إلى تمام التقوى.
حال السلف في رمضان
إن الأمة الإسلامية جمعاء في الأيام القليلة القادمة تستقبل ضيفا عزيزا ووافدا كريما تتشوق القلوب إلى مجيئه وتتطلع النفوس إلى قدومه ؛ إنه ضيف حبيب على قلوب المؤمنين عزيز على نفوسهم ، ، يتباشرون بمجيئه ويهنئ بعضهم بعضا بقدومه وقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بمقدم هذا الشهر الكريم ويبين لهم خصائصه وفضائله ومناقبه ويستحثهم على الجد والاجتهاد فيه بطاعة الله والتقرب إلى الله جل وعلا فيه بما يرضيه ، ثبت في المسند للإمام أحمد بإسناد جيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « هذا شهر رمضان قد جاءكم فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين » ، وثبت في سنن الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَة.
كيفية استقبال شهر رمضان
يحتاج المسلم إلى تهيئة نفسية وبدنية حتى يدخل شهر رمضان وهو في أعلى درجات الجاهزية للصيام والقيام، مقبلا عليه مخططا لكيفية قضاء أيامه ولياليه، فإذا كان منظم لأموره ووضع لذلك النيات المناسبة فإنه سيحظى بوافر الأجر والكسب، ومن الأعمال التي تعين المسلم على التنعم بفضائل شهر رمضان المبارك التوجه لله -تعالى- بالدعاء ببلوغ شهر رمضان المبارك. الفرح بقرب بلوغ شهر رمضان وحمد الله -تعالى- على ذلك. احتساب مجموعة من النوايا ورسم أهداف ليتم إنجازها خلال شهر رمضان؛ ومنها: التوبة الصادقة من الذنوب والمعاصي. ختم القرآن الكريم قراءة وتدبرا عدة مرات. كسب أكبر قدر ممكن من الحسنات بفعل المزيد من الطاعات والخيرات. المعاملة الحسنة مع الناس والصبر على أذاهم. جعل شهر رمضان بداية الانطلاق لطاعات وأخلاق حسنة جديدة والثبات عليها بعد رمضان.
نستقبله بالعزم على ترك المعاصي، والسيئات والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها؛ وذلك لأنه شهر التوبة والمغفرة. نهيئ نفسيتنا من خلال الاطلاع والقراءة والاطلاع على الكتب والرسائل، وسماع الدروس الدينية والمحاضرات التي تبين فضائل الصوم وأحكامه. نعد بشكل جيد للدعوة إلى الله من خلال تحضر بعض الكلمات والتوجيهات بشكل جيد لإلقائها في مسجد المنطقة، وتوزيع الكتيبات، والرسائل الوعظية، والفقهية المتعلقة بشهر رمضان، ونذكر بالفقراء والمساكين , وبذل الصدقات والزكاة لهم. نستقبل رمضان بفتح صفحة خالية من الذنوب بيضاء تتسم بالتوبة الصادقة، وصلة الأقارب، بالإضافة إلى بر الوالدين وليس استقبال هذا الشهر بتبادل باقات الورد والزهور ، ولا بإلقاء الأناشيد والأراجيز ، ولا بتهيئة الملاعب والصالات ، ولا بجمع صنوف أنواع المطاعم والمشروبات والمأكولات ؛ إن التهيؤ لهذا الشهر الكريم تهيؤ للطاعة ، واستعداد للعبادة ، وإقبال صادق على الله جل وعلا ، وتوبة نصوح من كل ذنب وخطيئة .
إن موسم رمضان فرصة للإقبال على الله والتوبة من الذنوب ، إن من يتأمل حاله - وهذا شأن كل واحد منا - يجد أن تقصيره عظيم وتفريطه في جنب الله كبير ، يقول صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ » ؛ فالذنوب كثيرة والتقصير حاصل وأمامنا موسم عظيم للتوبة إلى الله جل وعلا إن دخول رمضان فرصةٌ مباركة لتصفية النفوس وتنقية القلوب واجتماع الكلمة على طاعة الله جل وعلا بأن يقبل المسلمون جميعهم مطيعين لله مقبلين على عبادته وطاعته مبتعدين عن كل ما يسخطه ويأباه سبحانه.
وفي الختام أسأل الله جل وعلا أن يبلغنا أجمعين شهر رمضان ، وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام ، وأن يصلح ذات بيننا ، وأن يؤلف بين قلوبنا وأن يهدينا سبل السلام ، وأن يخرجنا من الظلمات إلى النور ، وأن يجعلنا من عباده المتقين وأوليائه المقربين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .